இறையோன் திருப்பெயராலும் இறைத்தூதரின் திருப்பொருத்தத்துடனும்,
இறைநேசர்களின் திவ்விய வாழ்த்துக்களுடனும் சத்திய மார்க்கத்தின்
நித்தியக் கொள்கைதனைக் காக்கப் புறப்பட்ட இணையம்

Tuesday, April 17, 2012

الإسراء والمعراج



سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 
تفسير الفخر الرازي606 - (9 / 494)
اختلف في كيفية ذلك الإسراء فالأكثرون من طوائف المسلمين اتفقوا على أنه أسرى بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأقلون قالوا : إنه ما أسري إلا بروحه حكي عن محمد بن جرير الطبري في «تفسيره» عن حذيفة أنه قال ذلك رؤيا . وأنه ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أسري بروحه ، وحكي هذا القول أيضاً عن عائشة رضي الله عنها ، وعن معاوية رضي الله عنه . واعلم أن الكلام في هذا الباب يقع في مقامين : أحدهما : في إثبات الجواز العقلي . الثاني : في الوقوع .
أما المقام الأول : وهو إثبات الجواز العقلي ، فنقول : الحركة الواقعة في السرعة إلى هذا الحد ممكنة في نفسها والله تعالى قادر على جميع الممكنات ، وذلك يدل على أن حصول الحركة في هذا الحد من السرعة غير ممتنع ، فنفتقر ههنا إلى بيان مقدمتين :



المقدمة الأولى : في إثبات أن الحركة الواقعة إلى هذا الحد ممكنة في نفسها ويدل عليه وجوه :
الوجه الأول : أن الفلك الأعظم يتحرك من أول الليل إلى آخره ما يقرب من نصف الدور وقد ثبت في الهندسة أن نسبة القطر الواحد إلى الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع ، فيلزم أن تكون نسبة نصف القطر إلى نصف الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع وبتقدير أن يقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتفع من مكة إلى ما فوق الفلك الأعظم فهو لم يتحرك إلا بمقدار نصف القطر فلما حصل في ذلك القدر من الزمان حركة نصف الدور فكان حصول الحركة بمقدار نصف القطر أولى بالإمكان ، فهذا برهان قاطع على أن الارتقاء من مكة إلى ما فوق العرش في مقدار ثلث من الليل أمر ممكن في نفسه ، وإذا كان كذلك كان حصوله في كل الليل أولى بالإمكان ، والله أعلم .
الوجه الثاني : وهو أنه ثبت في الهندسة أن قرص الشمس يساوي كرة الأرض مائة وستين وكذا مرة ثم إنا نشاهد أن طلوع القرص يحصل في زمان لطيف سريع ، وذلك يدل على أن بلوغ الحركة في السرعة إلى الحد المذكور أمر ممكن في نفسه .
الوجه الثالث : أنه كما يستبعد في العقل صعود الجسم الكثيف من مركز العالم إلى ما فوق العرش ، فكذلك يستبعد نزول الجسم اللطيف الروحاني من فوق العرش إلى مركز العالم ، فإن كان القول بمعراج محمد صلى الله عليه وسلم في الليلة الواحدة ممتنعاً في العقول ، كان القول بنزول جبريل عليه الصلاة والسلام من العرش إلى مكة في اللحظة الواحدة ممتنعاً ، ولو حكمنا بهذا الامتناع كان ذلك طعناً في نبوة جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والقول بثبوت المعراج فرع على تسليم جواز أصل النبوة ، فثبت أن القائلين بامتناع حصول حركة سريعة إلى هذا الحد ، يلزمهم القول بامتناع نزول جبريل عليه الصلاة والسلام في اللحظة من العرش إلى مكة ، ولما كان ذلك باطلاً كان ما ذكروه أيضاً باطلاً .

الوجه الرابع : أن أكثر أرباب الملل والنحل يسلمون وجود إبليس ويسلمون أنه هو الذي يتولى إلقاء الوسوسة في قلوب بني آدم ، ويسلمون أنه يمكنه الانتقال من المشرق إلى المغرب لأجل إلقاء الوساوس في قلوب بني آدم ، فلما سلموا جواز مثل هذه الحركة السريعة في حق إبليس فلأن يسلموا جواز مثلها في حق أكابر الأنبياء كان أولى ، وهذا الإلزام قوي على من يسلم أن إبليس جسم ينتقل من مكان إلى مكان ، أما الذين يقولون إنه من الأرواح الخبيثة الشريرة وأنه ليس بجسم ولا جسماني ، فهذا الإلزام غير وارد عليهم ، إلا أن أكثر أرباب الملل والنحل يوافقون على أنه جسم لطيف متنقل .
فإن قالوا : هب أن الملائكة والشياطين يصح في حقهم حصول مثل هذه الحركة السريعة لأنهم أجسام لطيفة ، ولا يمتنع حصول مثل هذه الحركة السريعة في ذواتها ، أما الإنسان فإنه جسم كثيف فكيف يعقل حصول مثل هذه الحركة السريعة فيه؟
قلنا : نحن إنما استدللنا بأحوال الملائكة والشياطين على أن حصول حركة منتهية في السرعة إلى هذا الحد ممكن في نفس الأمر ، وأما بيان أن هذه الحركة لما كانت ممكنة الوجود في نفسها كانت أيضاً ممكنة الحصول في جسم البدن الإنساني ، فذاك مقام آخر سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى
الوجه الخامس : أنه جاء في القرآن أن الرياح كانت تسير بسليمان عليه الصلاة والسلام إلى المواضع البعيدة في الأوقات القليلة قال تعالى في صفة مسير سليمان عليه الصلاة والسلام : { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [ سبأ : 12 ] بل نقول : الحس يدل على أن الرياح تنتقل عند شدة هبوبها من مكان إلى مكان في غاية البعد في اللحظة الواحدة ، وذلك أيضاً يدل على أن مثل هذه الحركة السريعة في نفسها ممكنة .
الوجه السادس : أن القرآن يدل على أن الذي عنده علم من الكتاب أحضر عرش بلقيس من أقصى اليمن إلى أقصى الشام في مقدار لمح البصر بدليل قوله تعالى : { قَالَ الذى عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الكتاب أَنَاْ ءاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ }

[ النمل : 40 ] وإذاكان ممكناً في حق بعض الناس ، علمنا أنه في نفسه ممكن الوجود 
الوجه السابع : إن من الناس من يقول : الحيوان إنما يبصر المبصرات لأجل أن الشعاع يخرج من عينيه ويتصل بالمبصر ثم إنا إذا فتحنا العين ونظرنا إلى رجل رأيناه فعلى قول هؤلاء انتقل شعاع العين من أبصارنا إلى رجل في تلك اللحظة اللطيفة ، وذلك يدل على أن الحركة الواقعة على هذا الحد من السريعة من الممكنات لا من الممتنعات ، فثبت بهذه الوجوه أن حصول الحركة المنتهية في السرعة إلى هذا الحد أمر ممكن الوجود في نفسه .




373)شعب الإيمان - البيهقي - (3 / 
 3811 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثني أبو نصر رشيق بن عبد الله الرومي املاء من كتابه بالطابران أنا الحسين بن إدريس الأنصاري نا خالد بن الهياج عن أبيه عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في رجب يوم و ليلة من صام ذلك اليوم و قام تلك الليلة كان كمن صام من الدهر مائة سنة و هو لثلاث بقين من رجب و فيه بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم  
 و روي ذلك بإسناد آخر أضعف من هذا كما
الأمالي الشجرية - (1 / 322)
ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوماً وسع الله عليه القبر مسيرة أربعمائة عام وملأ جميع ذلك مسكاً وعنبراً ورياحين وأشجاراً وأنهاراً مفتوحاً جميع ذلك إلى الجنان
الإسراء والمعراج للسيوطي - (1 / 38)
الفصل الرابع في نكته وهي كثيرة، والذي اخترنا منها هنا عشرون نكتة
الأولى: تكلم الناس في الحكمة في الاسراء به أولا الى بيت المقدس قبل المعراج
وقيل: ليجمع تلك الليلة بين القبلتين
وقيل: لأن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله فحصل له الرحيل اليه في الجملة ليجمع بين أشتات الفضائل
وقيل: لإرادة إظهار الحق على من عاند، لأنه لو عرج به من مكة الى السماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلا الى البيان والايضاح، فلما ذكر عليه الصلاة والسلام أنه أسري به الى بيت المقدس، سالوه عن جزئيات بيت المقدس كانوا رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلما أخذهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الاسراء الى بيت المقدس في ليلة، وإذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكره
صحيح البخاري - مكنز - (15 / 373)
4710 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ قُمْتُ فِى الْحِجْرِ ، فَجَلَّى اللَّهُ لِى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ » . زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ « لَمَّا كَذَّبَنِى قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِىَ بِى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ » . نَحْوَهُ . ( قَاصِفًا ) رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَىْءٍ . طرفه 3886 - تحفة 3151
الثانية: استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة الاسراء:
الصحيح أن شق الصدر مرتان قال شيخ الاسلام ابن حجر: بل ثلاث مرات، فقد ثبت أيضا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل، ولكل حكمة
فالأول كان في زمن الطفولية، لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان ثم عند البعث زيادة في إكرامه ليتلقى ما يوحى اليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير
ثم عند الاسراء ليتأهب للمناجاة
ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة لحصول المرة الثالثة كما هي في شرعه صلى الله عليه وسلم في الطهارة
قلت: وهذه الحكمة من أعظم الحكم وألطفها وأدقها، وحقها أن تكتب بماء الذهب على صفحات القلوب لارتفاع محلها
ثم قال شيخ الاسلام وهذا الذي ذكر من شق الصدر واستخراج القلب مما يجب التسليم له، ولا يصرف عنه حقيقته لصلاحية القدرة، فلا يستحيل شيء من ذلك
قلت:والأمر كذلك ويؤيده الحديث الصحيح أنهم كانوا يرون أثر المخيط في صدره الشريف، وما وقع من بعض جهلة العصر من إنكار ذلك وحمله على الأمر المعنوي وإلزام قائله القول بقلب الحقائق الممتنع، فهو جهل صريح، وخطأ قبيح، نشأ من خذلان الله تعالى لهم، وعكوفهم على العلوم الفلسفية وعدم إحاطتهم بالقدرة الربانية، وبعدهم عن دقائق السنة، عافانا الله من ذلك
قال ابن المنير وشق الصدر له صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصبره عليه من جنس ما ابتلي به الذبيح وصبر عليه، بل هذا أشق وأجل لأن تلك معاريض وهذه حقيقة، وأيضا فقد تكرر ووقع له وهو رضيع يتيم بعيد عن أهله عليه الصلاة والسلام، وقد اختلف هل كان شق الصدر وغسله مخصوصا به أو مقع لغيره من الأنبياء
الثالثة: الحكمة في انفراج سقف بيته الاشارة الى ما سيقع من شق صدره وأنه سيلتئم بلا معالجة
الخامسة: قال ابن المنير: إنما كان الاسراء ليلا لأنه وقت الخلوة والاختصاص عرفا، ولأن وقت الصلاة التي كانت مفروضة عليه في قوله تعالى:{ قم الليل} من المزمل 2
وليكون أبلغ للمؤمن في الايمان بالغيب وفتنة للكافر ولأن الليل محل الاجتماع بالأحباب قال ابن دحية: ولإبطال قول الفلاسفة: إن الظلمة من شأنها الاهانة والشر، وكيف يقولون ذلك مع أن الله تعالى أكرم أقواما في الليل بأنواع الكرامات كقوله في قصة ابراهيم
وفي موسى:{ وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} من الأعراف 142
السادسة: قال ابن المنير: كانت كرامته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المناجاة على سبيل المفاجأة كما أشار اليه بقوله : بينا انا، وفي حق موسى عن ميعاد واستعداد، فحمل عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألم الانتظار
الثانية عشر: قال ابن المنير
ذكر ابن حبيب أن بين السماء والأرض بحرا يسمى المكفوف يكون بحر الآض بالنسبة اليه كالقطرة من البحر المحيط فعلى هذا يكون ذلك البحر انفلق لنبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم. حتى جاوزه فهو أعظم من انفلاق البحر لموسى عليه الصلاة والسلام
الثالثة عشر: استفتاح جبريل أبواب السماء لأنها كانت مغلقة وإنما لم تهيأ له بالفتح قبل مجيئه. وإن كان أبلغ في الاكرام ـ لأنه لو رآها مفتحة لظن أنها لا تزال كذلك. ففعل ذلك ليعلم أن ذلك لأجله تشريفا، ولأن الله أراد أن يطلعه على كونه معروفا عند أهل السماوات أيضا، لأنه قيل لجبريل لما قال محمد: أبعث اليه؟ ولم يقل: ومن محمد؟ مثلا
الرابعة عشر: قول الخازن أبعث اليه؟ ليس استفهاما عن أصل البعث لأنه مشهور في الملكوت الأعلى بل البعث للمعراج
قال شيخ الاسلام ابن حجر وفي قوله لجبريل: ومن معك؟ دليل على أنه أشعر بأن معه رفيقا وإلا لقال: أمعك أحد وذلك إما بمشاهدة لكون السماء سفاقة، أو بأمر معنوي كزيادة أنوار أو نحوها تشعر بتجديد أمر يحسن معه السؤال بهذه الصيغة
الثامنة عشرة: قال القرطبي: الحكمة في تخصيص موسى بمراجعته النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: في أمر الصلوات لعلها لكون أمة موسى كلفت من الصلوات بما لم يكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم فأشفق موسى على أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مثل ذلك، ويشير اليه قوله: إني قد جربت الناس قبلك
وقال شيخ الاسلام ابن حجر يحتمل أن يكون موسى لما غلب عليه في الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة الى أمة محمد حتى تمنى استدراك ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم ليزيل ما عساه أن يتوهم عليه فيما وقع منه في الابتداء
التاسعة عشرة: اختلف هل رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربه ليلة المعراج على قولين مشهورين
فأثبت ذلك ابن عباس وطائفة وأنكرته عائشة والصحيح ثبوتها
قال أحمد حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا حمّاد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأيت ربي تبارك وتعالى" خرجه الامام أحمد في مسنده 4/201 وصححه شاكر برقم 2580
وقال الطبراني
حدثنا الهيثم بن خلف. حدثنا يزيد بن عمر بن البراء القنوي، حدثنا حفص ابن عمر العدني، حدثنا موسى بن سعد، عن ميمون العباد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نظر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم الى ربه تبارك وتعالى: قال عكرمة لابن عباس: نظر محمد الى ربه؟ قال: نعم، جعل الكلام لموسى والخلة لابراهيم، والنظر لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم
أخرجهما الحاكم في المستدرك. 2/316ـ469






تفسير حقي- تفسير روح البيان - - (7 / 136)
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
قال الشيخ الاكبر قدس سره ان معراجه عليه السلام اربع وثلاثون مرة واحدة بجسده والباقى بروحه رؤيا رآها اى قبل النبوة وبعدها وكان الاسراء الذى حصل له قبل ان يوحى اليه توطئة له وتيسيرا عليه كام كان بدأ نبوته الرؤيا الصادقة والذى يدل على انه عليه السلام عرج مرة بروحه وجسده معا قوله اسرى بعبده فان العبد اسم للروح والجسد جميعا وايضا ان البراق الذى هو من جنس الدواب انما يحمل الاجساد وايضا لو كان بالروح حال النوم او حال الفناء او الانسلاخ لما استبعده المنكرون اذ المتهيئون من جميع الملل يحصل لهم مثل ذلك ويتعارفونه بينهم
معراج ابراهيم عليه السلام افضل أم معراج الحبيب ؟
{ { لنريه من آيتنا } غاية للاسراء واشارة الى ان الحكمة فى الاسراء به اراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التى ما شرف باراءتها احدا من الاولين والآخرين الا سيد المرسلين وخاتم النبيين فانه نبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو اعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال { وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والارض } وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لان ما اراه الله تعالى فى تلك الاليلة انما هو بعض آياته العظمة واضافة الآيات الى نفسه على سبيل التعظيم لها لان المضاف الى العظيم عظيم
وسقط الاعتراض بان الله تعالى ارى ابراهيم ملكوت السموات والارض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم ان يكون معراج ابراهيم افضل
وحال الجواب انه يجوز ان يكون بعض الآيات المضافة الى الله تعالى اعظم واشرف من ملكوت السموات والارض كلها كما قال تعالى { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قالوا فى التفاسير هى ذهابه فى بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الانبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها
قال فى اسئلة الحكم اما الآيات الكبرى . فمنها فى الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الادنى وصرير الاقلام وشهود الالواح وما غشى الله سدرة المنتهى من الانوار وانتهاء الارواح والعلوم والاعمال اليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق ومنها آيات الافنس وهو مقام المحبة والاختصاص بالهو { فاوحى الى عبده ما اوحى } مقام المسامرة وهو الهوّ غيب الغيب وايده { ما كذب الفؤاد ما رأى } والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى كما قال تعالى { ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور } والفؤاد لا يعمى لانه لا يعرف الكون وما له تعلق الا بسيده فان العبد هنا عبد من جميع الوجوده منزه مطلق التنزيه فى عبوديته فما تقل عبده من مكان الى مكان الا ليريه من آياته التى غابت عنه كانه تعالى قال ما اسريت به الا لرؤية الآيات لا الى ّ فانى لا يحدنى مكان ولا يقيدنى زمان ونسبة الامكنة والازمنة الى نسبة واحدة وانا الذى وسعنى قلب عبدى فكيف اسرى به الىّ وانا عنده ومعه اينما كان نزولا وعروجا واستواء { انه هوالسميع } لقوله صلى الله عليه وسلم بلا اذن كما يتكلم من غير آلة الكلام وهو اللسان ويعلم من غير اداة العلم وهو القلب { البصير } بافعال له بلا بصر حسبما يؤذن به القصر فيكرمه ويقربه بحسب ذلك
وفيه ايماء الى ان الاسراء المذكور ليس الا لتكرمته ورفع منزلته والا فالاحاطة باقواله وافعلها حاصلة من غير حاجة الى التقريب
وتفصيل القصة  انه عليه السلام بات ليلة الاثنين لسلة السابع والعشرين من رجب كما سبق فى بيت ام اهنى بنت ابى طالب واسمها على الاشهر فاختة اسلمت يوم الفتح وهرب زوجها جبيرة الى نجران ومات بها على كفره واضطجع عليه السلام هناك بعد ان صلى الركعتين اللتين كان يصليهما وقت العشاء ونام ففرج عن سقف بيتها ونزل جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام ومع كل واحد منهم سبعون الف ملك وايقظه جبريل بجناحه
قال عليه السلام « فقمت الى جبريل فقلت اخى جبريل مالك فقال يا محمد ان ربى تعالى بعثنى اليك امرنى ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها احد قبلك ولا يكرم بها احد بعدك فانك ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها احد قبلك ولا يكرم بها احد بعدك فانك تريد ان تكلم ربك وتنظر اليه وترى فى هذه الليلة من عجائب ربك وعظمته وقدرته » قال عليه السلام « فوضأت وصليت ركعتين » وشق جبريل صدره الشريف من الموضع المنخفض بين الترقوتين الى اسفل بطنه اى اشار الى ذلك فانشق فلم يكن الشق بآلة ولم يسل دم ولم يج له عليه السلام الما لانه من خرق العادة وظهور المعجزات فجاء بطست من ماء زمزم واستخرج قلبه عليه السلام فغسل ثلاث مرات ونزع ما كان فيه من اذى
وفيه اشارة الى فضل زمزم على المياه كلها جنانية او غيرها ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ ايمانا وحكمة فافرغ فيه لان المعانى تمثل بالاجسام كالعلم بصورة اللبين ووضعت فيه السكنة ثم اعاد القلب الى مكانه والتأم صدره الشريف فكانوا يرون اثرا كأثر المخيط فى صدره وهو اثر مر وريد جبريل
ووقع له عليه السلام شق الصدر ثلاث مرات . والمرة الاولى . حين كان فى بنى سعد وهو ابن خمس سنين على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما
والمرة الثانية عند مجيئ الوحى فى بلوغه سن اربعين ليحصل له التحمل لاعباء الرسالة
والمرة الثالثة . ليلة الاسراء وهو ابن ثنتين وخمسين ليتسع قلبه لحفظ الاسرار الالهية والكلمات الربانية جاء جبريل هذه الليلة بدابة بيضاء ومن ثمة قيل لها البراق بضم الموحدة لشدة بريقها او لسرعتها فهى كالبرق الذى يلمع فى الغيم
وهى دابة فوق الحمار دون البغل
قال صاحب المنتقى الحكمة فى كونه على هيئة بغل ولم يكن على هيئة فرس التنبيه على ان الركوب فى سلم وامن لا فى خوف وحرب اولا ظهار الآية فى الاسراع العجيب فى دابة لا يوصف شكله بالاسراع فانه كان يضع خطوه عند اقصى طرفه ويؤخذ من هذا انه اخذ من الارض الى السماء فى خطة لان بصر من فى الارض يقع على السماء والى السموات السبع فى سبع خطوات لان بصر من يكون فيى السماء يقع على السماء التى فوقها
قال عليه السلام « فما رأيت دابة أحسن منها وانى لمشتاق اليها من حسنها فقلت يا جبريل ما هذه الدابة فقال هذا البراق فاركب عليه حتى تمضى الى دعوة ربك فاخذ جبريل بلجامها وميكائيل بركابها واسرافيل من خلفها فقصدت الى ان اركبها فجمحت الدابة وابت فوضع جبريل يده على وركبها وقال لها أما تستحيين مما فعلت فوالله ما ركبك احد اكرم على الله من محمد فرشحت عرقا من الحيا قال ابن ديحة لم يركب البراق احد قبله عليه السلام ووافقه الامام النووى فقول جبريل ما ركبك لا ينافيه لان السالبة تصدق بنفى الموضوع 
فقالت يا جبريل لم استصعب منه الا ليضمن ان يشفع لى يوم القيامة لانه اكرم الخلائق على الله فضمن لها ذلك . قالوا الورد الابيض خلق من عرق جبريل والاصفر من عرق البراق  
وعن انس رضى الله عنه رفعه ( لما عرج بى الى السماء بكت الارض من بعدى فنبث الاصفر من نباتها فلما رجعت قطر عرقى على الارض فنبت ورد احمر ألا من اراد ان يشم رائحتى فشم الورد الاحمر
قال عليه السلام  فركبتها
واختلفوا هل ركبها جبريل معه . قال صاحب المنتقى الظاهر عندى انه لم يركب لانه عليه السلام مخصوص بشرف الاسراء فانطلق البراق يهوى به يضع حافره حيث ادرك قال صليت بمدين وهى قرية تلقاء غزة عند شجرة موسى سميت باسم مدين بن موسى لما نزلها فانطلق البراق يهوى به فقال له جبريل انزل فصصل ففعل ثم ركب فقال له أتدرى أين صليت قال ( لا ) قال صليت ببيت لحم وهى قرية تلقاء بيت المقدس حيث ولد عيسى عليه السلام بينا هو صلى الله عليه وسلم على البراق اذ رأى عفاريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رآه فقال له جبريل ألا اعلمك كلمات تقولهن اذا انت قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فقال عليه السلام ( بلى ) فقال جبريل قل اعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات اللاتى لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ فى الارض ومن شر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار الا طارقا يطرق بخير يا رحمن فقال عليه السلام ( ذلك ) فانكب فيه وطفئت شعلته .
ورآى صلى الله عليه وسلم حال المجاهدين فى سبيل الله اى كشف له عن حالهم فى دار الجزاء بضرب مثال . فرأى قوما يزرعون ويحصدون من ساعته وكلما حصدوا عاد كما كان فقال ( يا جبرائيل ما هذا ) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما انفقوا من خير فهو يخلفه والمراد تكرير الجزاء لهم
ونادى مناد عن يمينه يا محمد انظرنى اسألك فلم يجبه فقال ( ما هذا يا جبريل ) فقال هذا داعى اليهود أما انك لواجبته لتهودت امتك اى لتمسكوا بالتوراة والمراد غالب الامة
ونادى مناد عن يساره كذلك فلم يجبه فقال ( ما هذا يا جبريل ) فقال هذا داعى النصارى أما انك لو اجبته لتنصرت امتك اى لتمسكوا بالانجيل
وكشف له عليه السلام عن حال الدنيا بضرب مثلا فرأى امرأة حاسرة عن ذراعيها لان ذلك شأن المقتنص لغيره عليها من كل زينة خلقها الله تعالى ومعلوم ان النوع الواحد من الزينة يجلب القلوب اليه فكيف بوجود سائر انواع الزينة
فقالت يا محمد انظرنى اسألك فلم يلتفت اليها فقال ( من هذه يا جبريل ) فقال تلك الدنيا أما انك لواجبتها لاختارت امتكم الدنيا على الآخرة
ورأى صلى الله عليه وسلم على جانب الطريق عجوزا فقالت يا محمد انظرنى فلم يلتفت اليها فقال ( من هذه يا جبريل ) فقال انه لم يبق شئ من عمر الدنيا الا ما بقى من عمر تلك العجوز
فان قلت الشباب ومقابله انما يكون فى الحيوان . قلت الغرض من ذلك التمثيل .
وكشف له عليه السلام عن حال من يقبل الامانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فاتى على رجل جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال ( ما هذا يا جبريل ) قال هذا الرجل من امتك يكون عنده امانات الناس لا يقدر على ادائها ويريد ان يتحمل عليها
وكشف له عن حال من ترك الصلاة المفروضة فى دار الجزاء فاتى على قوم ترضخ رؤسهم كلما ارضخت عادت كما كانت فقال ( يا جبريل من هؤلا ) قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة المكتوبة اى المفروضة عليهم
وكشف له عن حال من يترك الزكاة الواجبة عليه فاتى على قوم على اقبالهم رقاع وعلى ادبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الابل والغنم ويأكلون الضريع وهو اليابس من الشوك والزقوم ثمر شجر مر له زفرة قيل انه لا يعرف شجره فى الدنيا وانما هو شجر فى النار وهى المذكورة فى قوله تعالى { انها شجرة تخرج فى اصل الجحيم ويأكلون وضف جهنم اى حجارتها المحماة التى تكون بها فقال ( من هؤلاء يا جبريل ) قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات اموالهم المفروضة عليهم
وكشف له عن حال الزناة بضرب مثل فاتى على قوم بين ايديهم لحم نضيج فى قدور ولحم نيئ ايضا فى قدورة خبيث فجعلوا يأكلون من ذلك النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال ( من هذا يا جبريل ) قال هذا الرجل من امتك يكون عند المرأة الحلال الطيب فيأتى امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتى رجلا خبيثا فتبيت عنده حتى تصبح
وكشف له عن حال من يتكلم بالفحش بضرب مثال فأتى على حجر يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد ان يرجع من حيث يخرج فلا يستطيع فقال ( ما هذا يا جبريل ) فقال هذا الرجل من امتك يتكلم الكلمة العظيمة ثم يندم عليه فلا يستطيع ان يردها
وكشف له حال من احوال الجنة فأتى على واد فوجده طيبا باردا ريحه ريح المسك وسمع صوتا فقال ( ياجبريل ما هذا ) قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتنى ما وعدتنى
وكشف له عن حال من احوال النار فأتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا خبثة فقال « ما هذا يا جبريل » قال صوت جهنم تقول يا رب استنى ما وعدتنى
ومر عليه السلام على موسى وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الاحمر وهو يقول برفع صوته اكرمته وفضلته فقال ( من هذا يا جبريل ) قال هذا موسى بن عمران عليه السلام قال ( ومن يعاتب قال له يعاتب ربه فيك . والعتاب مخاطبة فيها ادلال والظاهر انه عليه السلام نزل عند قبره فصلى ركعتين .
 ومر عليه السلام على شجرة تحتها شيخ وعياله فقال ( من هذا يا جبربيل ) قال هذا ابوك ابراهيم عليه السلام فسلم عليه فرد عليه لاسلام فقال من هذا الذى معك يا جبريل قال هذا ابنك محمد صلى الله عليه وسلم قال مرحبا بالنبى العربى الامى ودعا له بالبركة وكان قبر ابراهيم تحت تلك الشجرة فنزل عليه السلام وصلى هناك ركعتين ثم ركب وسار حتى اتى الوادى الذى فى بيت المقدس فاذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابى وهى النمارق اى الوسائد فقيل يا رسول الله كيف وجدتها قال « مثل الحممة » اى الفحمة ومضى عليه السلام حتى انتهى الى ايليا من ارض الشام وهو بالكسر مدينة القدس واستقبله من الملائكة جم غفير لا يحصى عددهم فدخلها من الباب اليمانى الذى فيه مثال الشمس والقمر ثم انتهى الى بيت المقدس وكان بباب المسجد حجر فادخل جبريل يده فيه فخرقه فكان كهيئة الحلقة وربط به البراق
 الدر المنثور في التأويل بالمأثور- السيوطي (المتوفى : 911هـ) - (6 / 220)
قال أبو سفيان : والله ما يمنعني من أن أقول عليه قولاً أسقطه من عينه إلا أني أكره أن أكذب عنده كذبة يأخذها علي ، ولا يصدقني حتى ذكرت قوله ليلة أسري به . قلت : أيها الملك ، أنا أخبرك عنه خبراً تعرف أنه قد كذب . قال : وما هو؟ قلت : إنه يزعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيليا ، ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح قال : وبطريق إيليا عند رأس قيصر . قال البطريق : قد علمت تلك الليلة . فنظر إليه قيصر فقال ما علمك بهذا؟ قال : إني كنت لا أبيت ليلة حتى أغلق أبواب المسجد ، فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني ، فاستعنت عليه عمالي ومن يحضرني كلهم ، فعالجته فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلاً ، فدعوت الناجرة ، فنظروا إليه ، فقالوا هذا باب سقط عليه التجاق والبنيان ، فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من اين أتى ، فرجعت وتركته مفتوحاً فلما أصبحت غدوت ، فإذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب ، وإذا فيه أثر مربط الدابة ، فقلت لأصحابي ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي ، فقد صلى الليلة في مسجدنا ، فقال قيصر : يا معشر الروم ، أليس تعلمون أن بين عيسى وبين الساعة نبي بشركم به عيسى عليه السلام؟ وهذا هو النبي الذي بشر به عيسى ، فأجيبوه إلى ما دعا إليه ، فلما رأى نفورهم قال : يا معشر الروم ، دعاكم ملككم يختبركم كيف صلابتكم في دينكم ، فشتمتموه وسببتموه وهو بين أظهركم فخروا له سجداً
ولا يخفى ان عدم انغلاق الباب انما كان ليكون آية والا فجبريل لا يمنعه باب مغلق ولا غيره وكذا خرق المربط وربط البراق والا فالبراق لا يحتاج الى الربط كسائر الدواب الدنيوية فان الله تعالى قد سخره لحبيبه عليه السلام
ولما استوى عليه السلام على الحجر المذكور قال جبريل يا محمد هل سألت ربك ان يريك الحور العين قال ( نعم ) قال جبريل فانطلق الى اولئك النسوة فسلم عليهن فسلم عليه السلام عليهن فرددن عليه السلام فقال من انتثن قلن خيرات حسان نساء قوم ابرار نقوا فلم يدرنوا واقاموا فلم يظعنون وخلدوا فلم يموتوا ثم دخل عليه السلام المسجد ونزلت الملائكة واحيى الله له آدم ومن دونه من الانبياء من سمى الله ومن لم يسم حتى لم يشذ منهم احد فرآهم فى صورة مثالية كهيئتهم الجسدانية الا عيسى وادريس والخضر والياس فانه رآهم باجسادهم الدنيوية لكونهم من زمرة الاحياء كما هو الظاهر فسلموا عليه وهنأوه بما اعطاه الله تعالى من الكرامة وقالوا الحمد لله الذى جعلك خاتم الانبياء فنعم النبى انت ونعم الاخ انت وامتك خير الامم ثم قال جبريل تقدم يا محمد وصل باخوانك من الانبياء ركعين فصلى بهم ركعتين وكان خلف ظهره ابراهيم وعن يمينه اسماعيل وعن يساره اسحاق عليهم السلام وكانوا سبعة صفوفو ثلاثة صفوف من الانبياء المرسلين واربعة من سائر الانبياء
قال عليه السلام « لما وصلت الى بيت المقدس وصليت فيه ركعتين اى اماما بالانبياء والملائكة اخذنى العطش اشد ما اخذنى فأتيت بإناءين فى احدهما لبن وفى الآخر خمر فاخذت الذى فيه اللبن وكان ذلك بتوفيق ربى فشرتبه الا قليلا منه وتركت الخمر فقال جبريل اصبت الفطرة يا محمد » لان فطرته هى الملائكة للعلم والحلم والحكمة ( اما انك لو شربت الخمر لغوت امتك كلها ولو شربت اللبن كله لما ضل احد من امتك بعدك فقلت يا جبريل اردد علىّ اللبن حتى اشربه كله فقال جبريل قضى الامر ليقضى الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وان الله لسميع عليم
قال بعضهم انه لما يختلف احد انه عرج به صلى الله عليه وسلم من عند القبة التى يقالها قبةالمعراج عن يقين الصخرة وقد جاء ( صخرة بيت المقدس من صخور الجنة ) وفيها اثر قدم النبى عليه السلام
قال ابى بن كعب ما ماء عذب الا وينبع من تحت صخرة بيت المقدس ثم يتفرق فى الارض وهذه الصخرة من عجائب الله فاناه صخرة شعثاء فى وسط المسجد الاقصى قد انقطعت من كل جهة لا يمسكها الا الذى يمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه ومن تحتها المغارة التى انفصلت من كل جهة فهى معلقة بين السماء والارض
يقول الفقير رقاه الله القدير الى معرفة سر المعراج المنير لعل وجه الاسراء الى بيت المقدس هو التبرك بقدمه الشريفة لكون مدينة القدس ومسجدها متعبد كثير من الانبياء ومدفنهم
قال عليه السلام « انتهيت الى بحر اخضر عظيم اعظم ما يكون من البحار فقلت يا جبرائيل ما هذا البحر فقال يا محمد هذا بحر فى الهواء لا شئ من فوقه يتعلق به ولا شئ . من تحته يفر فيه ولا يدرى قعره وعظمته الا الله تعالى ولولا ان هذا البحر كان حائلا لاحترق ما فى الدنيا من حر الشمس » ثم قال « ثم انتهيت الى السما ءالدنيا واسمها رقيع فأخذ جبريل بعضدى وضرب بابها به وقال افتح الباب » وانما استفتح لكون انسان معه ولو انفرد لما طلب الفتح ولكون مجيئه على خلاف ما كانوا يعرفونه قبل ( قال الحارس من انت قال جبريل قال ومن معك فانه رأى شخصا معه لم يعرفه قال محمد قال اوقد بعث محمد قال نعم ) وذلك لجواز ان يعرف ولادته عليه السلام ويخفى عليه بعثته قال ( الحمد لله ففتح لنا الباب ودخلنا فلما نظر الىّ قال مرحبا بك يا محمد ولنعم المجيئ مجيئك فقلت يا جبريل من هذا قال هذا اسماعيل خازن السماء الدنيا وهو ينتظر قدومك فاذن وسلم عليه فدنوت وسلمت فرد علىّ السلام وهنأنى فلما صرت اليه قال ابشر يا محمد فان الخير كله فيك وفى امتك فحمد الله على ذلك ) وهذا الملك لم يهبط الى الارض قط الا مع ملك الموت لما نزل لقبض روحه الشريفة ( تحت يده سبعون الف ملك تحت يد كل ملك سبعون الف ملك قال واذا جنوده قائمون صفوفا ولهم زجل بالتسبيح يقولون سبوحا سبوحا لرب الملائكة والروح قدوسا قدوسا لرب الارباب سبحان العظيمالاعظم وكان قراءتهم سورة الملك فرأيت فيها كهيئة عثمان بن عفان فقلت بم بلغت الى هنا قال بصلاة الليل
قال « ثم انتهيت الى آدم فاذا هو كهيئة يوم خلقه الله تعالى » اى على غاية من الحسن والجمال « وكان تسبيحه سبحان الجليل الاجل سبحان الواسع الغنى سبحان الله العظيم وبحمده فاذا هو تعرض عليه ارواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة خرجت من جسد طيب اجعلوها فى عليين وتعرض عليها ارواح ذريته الكفار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة خرجت من جسد خبيث اجعلوها فى سجين
قال عليه السلام « فتقدمت اليه وسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والتى الصالح » اى لقيت رحبا وسعة وكان مقره فلك القمر لمناسبته فى السرعة فان القمر يسير فى الشهر ما يسير الشمس فى السنة من المنازل فناسب فى سرعة حركاته حركات الذهنية وانتقالاته الباطنية وموجب هذه الرؤية الخاصة اى رؤيته عليه السلام لآدم فى السماء الدنيا دون غيره من الانبياء عليهم السلام مناسبة صفاتية او فعلية او حالية فلا تنافى ان يشارك آدم فى هذه السماء غيره من بعض الانبياء وقس عليها الرؤية فيما فوقها من السموات كما سيجيئ
قال عليه السلام « ورأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الابل » اى كشفاه الابل « وفى ايديهم قطع من نار كالافهار » اى الحجارة « التى كل واحد منها ملئ الكف يقذفونها فى افواههم تخرج من ادبارهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال اكلة اموال اليتامى ظلما » وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الارض ولعل المراد بالرجال الاشخاص او خصوا بذلك لانهم اولياء للايتام غالبا « ثم رأيت رجال لهم بطون امثال البيوت فيها حيات ترى من خارج البطون بطريق آل فرعون يمرون عليهم كالابل المهيومة حين يعرضون على النار لا يقدرون ان يتحولوا من مكانهم ذلك » اى فتطأهم آل فرعون الموصوفون بما ذكر المقتضى لشدة وطئهم لهم والمهيومة التى اصابها الهيام وهوداء يأخذ الابل فتهيم فى الارض ولا ترعى او العطاش والهيام شدة العطش . وفى رواية « كلما نهض احدهم خر » اى سقط « قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اكلة الربا » وتقدمت رؤيته عليه السلام لهم فى الارض لا بهذا الوصف بل ان الواحد منهم يسبح فى نهر مندم يلقم الحجارة ولا مانع من اجتماع الوصفين لهم اى فيخرجون من ذلك النهر ويلقون فى طريق من ذكر وهكذا عذابهم دائما « ثم رأيت اخونة عليها لحم طيب ليس عليها احد واخرى عليها لحم منتن عليها ناس يأكلون قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام » اى من الاموال اعم مما قبله وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الارض « ثم رأيت نساء متعلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتى ادخلن على الرجال ما ليس من اولادهن اى بسبب زناهن » وفى رواية « انه عليه السلام رأى فى هذه السماء النيل والفرات » وذلك لان متبعهما من تحت سدرة المنتهى ويمران فى الجنة ويجاوزانها الى السماء الدنيا فينصبان الى الارض من طرف العالم فيجريان . وفى زيادة الجامع الصغير « ان النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يسبح لوجدتم فيه من ورقها
قال صلى الله عليه وسلم « ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بابنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام » اى شبيه احدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما « ومعهما نفر من قومهما فرحبا بى ودعوا لى بخير » وكونهما ابن الخالة اى ان ام كل خالة الآخر هو المشهور والتفصيل فى آل عمران
قال فى تفسير المناسبات ثم رأى فى الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود اما عيسى فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه الله واما يحيى فقتلوه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله الى المدينة صار الى حالة ثانية من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود وآذوه وظاهروا عليه وهموا بالقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه الله كما نجى عيس ىمنهم ثم سموه فى الشاة فلم تزل تلك الاكلة تعاده حتى قطعت ابهره كما قال عند الموت وهكذا فعلوا بابنى الخالة عيسى ويحيى .
ثم عرج بنا الى السماء الثالثة فاستفح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل اوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بيوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه واذا هو اعطى شطر الحسن فرحب بى ودعا لى بخير ) اى نصف الحسن الذى اعطيه الناس غير نبينا عليه السلام وفى كلام بعضهم اعطى شطر الحسن الى اوتيه نبينا عليه السلام وكان نبينا عليه السلام املح وان كان يوسف ابيض وذلك ان الحسن والملاحة من عالم الصفات ولم يحصل لغيره عليه السلام ما حصل له من تجليات الصفات على الكمال صورة ومعنى اذ هو افضل من الكل فالتجلى له اكمل وهو اللائح بالبال
قال عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير » قال فى تفسير المناسبات اما لقاؤه ليوسف عليه السلام فى السماءالثالثة فانه يؤذن بحالة تشبه حالة يوسف عليه السلام وذلك ان يوسف ظفر باخوته بعدما اخرجوه من بين ظهرانيهم فصفح عنهم وقال { لا تثريب عليكم اليوم } الآية وكذلك نبينا عليه السلام اسر يوم بدر جملة من اقاربه الذين اخرجوه فيهم عمه العباس وابن عمه عقيل فمنعم من اطلقه ومنهم من فداه ثم ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم فقال لهم « اقول ما قال اخى يوسف لا تثريب عليكم
ثم عرج بنا الى السماء الرابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل اوقد بعث اليه قال قد بعث اليه ففتح لنا فاذا انا بادريس عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير ) قال الله تعالى فى حقه { ورفعناه مكانا عليا } اى السماء الرابعة حال حياته على احد الوجوه وكونه فى الجنة كما فى بعض الروايات لا ينافى وجوده فى السماء المذكورة تلك الليلة . قيل رفع الى السماء من مصر بعد ان خرج منها ودار الارض كلها وعاد اليها ودعا الخلائق الى الله تعالى باثنتين وسبعين لغة خاطب كل قوم بلغتهم وعلمهم العلوم وهو اول من استخراج علم النجوم اى علم الحوادث التى تكون فى الارض باقتران الكواكب وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذى يخطئ لعدم استيفائه النظر . قال فى المناسبات ثم لقاؤه لادريس عليه السلام فى السماء الرابعة وهو المكان الذى سماه الله مكانا عليا وادريس اول من آتاه الله الخط بالقلم فكان ذلك موذنا بحالة رابعة وهو شأنه صلى الله عليه وسلم حتى اخاف الملوك وكتب اليهم يدعوهم الى طاعته حتى قال ابو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاء كتاب النبى عليه السلام ورأى ما رأى من خوف هرقل لقد امر امر ابن أبى كبشه حين اصبح يخافه ملك ابن ابى الاصفر وكتب بالقلم الى جميع ملوك الارض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشى وملك عمان ومنهم من هادن واهدى اليه واتحفه المقوقس ومنهم من تعصى عليه فاظفره الله به وهذا مقام علىّ وخط بالقلم على نحو ما اوتى ادريس عليه السلام
ثم عرج بنا الى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بهارون عليه السلام ونصف لحيته بيضاء ونصف لحيته سوداء تكاد تضرب الى سرته من طولها وحوله قوم من بنى اسرائيل وهو يقص عليهم فرحب بى ودعا لى بخير ) وكان هارون محببا فى قومه لانه كان الين اليهم من موسى لان موسى كان فيه بعض الشدة عليهم ومن ثمة كان له منهم بعض الاذى
قال فى المناسبات لقاؤه عليه السلام فى السماء الخامسة لهارون المحبب فى قومه يوذن بحب قريش وجميع العرب له بعد بغضهم فيه
قال وهب بن منبه وجدت فى احد وسبعين كتابا ان الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنياء الى انقضائها من العقل فى جنب عقله صلى الله عليه وسلم الا كحبة بين رمال الدنيا .
( ثم عرج بنا الى السماء السادسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بموسى عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير ) وكان موسى رجلا آدم طوالا كثير الشعر مع صلابته لو كان عليه قميصان لنفذ الشعر منهما وكان اذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته لشدة غضبه
قال عليه السلام « فلما جاوزت اى عن موسى بكى فقيل له ما يبكيك قال ابكى لان غلاما بعث بعدى يدخل الجنة من امته اكثر ممن يدخل من امتى » اى بل ومن سائر الامم لان اهل الجنة من الامم مائة وعشرون صفا هذه الامة منها ثمانون صفا وسائر الامم اربعون
يقول الفقير بكاء موسى عليه السلام هو المناسب لمقامه لانه كان له غيرة غالبة ولذا لما مر عليه السلام عليه وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الاحمر سمع منه وهو يقول برفع صوته اكرمته فضلته
قال فى المناسبات ولقاؤه فى السماء السادسة لموسى عليه السلام يوذن بحالة تشبه حالة موسى عليه السلام حين امر بغزوة الشام وظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وادخل بنى اسرائيل البلد الذى خرجوا منه بعد اهلاك عدوهم وكذلك غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك من ارض الشام وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد ان اتى به اسيرا وافتتح مكة ودخل اصحابه البلد الذى خرجوا منه
ثم عرج بنا الى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بابراهيم عليه السلام قال هذا ابوك ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبى الصالح
قال عليه السلام « واذا انا بامتى شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمدة فدخلت البيت المعمور ودخل معى الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمدة فصليت انا ومن معى فى البيت المعمور » اى ركعتين والظاهر انه ليس المراد بالشطر النصف حتى يكون العصاة من امته بقدر الطائعين منهم
قال فى المناسبات ثم لقاؤه فى السماء السابعة ابراهيم عليه السلام لحكمتين احداهما انه رآه عند البيت المعمور مسندا ظهره اليه والبيت المعمور حيال الكعبة اى بازائها ومقابلتها واليه تحج الملائكة كما ان ابراهيم هو الذى بنى الكعبة واذن فى الناس بالحج والحكمة الثانية ان آخر احوال النبى عليه السلام حجه الى البيت الحرام وحج معه ذلك العام نحو من سبعين الفا من المسلمين ورؤية ابراهيم عند اهل التأويل تؤذن بالحج لانه الداعى اليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة
 قال صلى الله عليه وسلم « ثم ذهب بى » اى جبريل « الى سدرة المنتهى » وهى شجرة فوق السماء السابعة فى اقصى الجنة اليها ينتهى الملائكة باعمال اهل الارض من السعداء واليها تنزل الاحكام العرشية والانوار الرحمانية واذا اوراقها كآذان الفيلة  جميع الفيل اى فى الشكل وهو الاستدارة لا فى السعة اذ الواحدة منها تظل الخلق كما فى بعض الروايات ( وثمرها كلاقلال ) جمع قلة وهى الجرة العظيمة وهذه الشجرة هى الحد البرزخى بين الدارين فاغصانها نعيم لاهل الجنة واصولها زقوم لاهل النار ولا فنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيحات عجيبة الالحان تطرب لها الارواح وتظهر عليها الاحوال وام فيها رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الانبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الارض والسماء ويخرج من اصل تلك الشجرة اربعة انهار باطنان اى يبطنان ويغيبان فى الجنة بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة وهما الكوثر ونهر الرحمة ونهران ظاهران اى يستمران ظاهرين بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة فيجاوزان الجنة وهما النيل نهر مصر والفرات نهر الكوفة
ورأى عليه السلام جبرائيل عند تلك السدرة على الصورة التى خلقه الله عليها له ستمائة جناح كل جناح منها قدسه الافق اى ما بين المشرق والمغرب يتناثر من اجنحته الدر والياقوت - روى - ان جبريل لما وصل الى السدرة التى هى مقامه تأخر فلم يتجاوز فقال عليه السلام « أفى مثل هذا المقام يترك الخليل خليله » فقال لو تجاوزت لاحرقت بالنور . وفى رواية لو دنوت انماله لاحرقت
فقال عليه السلام « يا جبريل هل لك من حاجة الى ربك قال يا محمد سل الله لى ان ابسط جناحى على الصراط لامتك حتى يجوزوا عليه » قال عليه السلام « ثم زج بى فى النور فخرق بى سبعون الف حجاب ليس فيها حجاب يشبه حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام وانقطع عنى حس كل ملك فلحقنى عند ذلك استيحاش فعند ذلك نادى مناد بلغة ابى بكر قف فان ربك يصلى » اى يقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى وجاء نداء من العلى الاعلى ( ادن يا خير البرية ادن يا احمد ادن يا محمد فادنانى ربى حتى كنت كما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ) - روى - انه عليه السلام عرج من السماء السابعة الى الدرة على جناح جبريل ثم منها على الرفرف وهو بساط عظيم
قال الشيخ عبد الوهاب الشعرانى هو نظير المحفة عندنا ونادى جبريل من خلفه يا محمد ان الله يثنى عليك فاسمع واطع ولا يهولنك كلامه فبدأ عليه السلام بالثناء وهو قوله « التحيات لله والصلوات والطيبات » اى العبادات القولية والبدنية والمالية فقال تعالى « السلام عليك ايها النبى ورحمة الله وبركاته » فعمم عليه السلام سلام الحق فقال « السلام علينا وعلى عبد الله الصالحين » فقال جبريل ( اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله ) وتابعه جميع الملائكة
فقوله { ثم دنا } اشارة الى العروج والوصول وقوله { فتدلى } الى النزول والرجوع وقوله { فكان قاب قوسين } بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى مرتبة الذات الواحدية اى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى { الله الصمد } وقوله تعالى { او ادنى } اشارة الى مرتبة الذات الاحدية اى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى { الله احد } وكان المعراج فى صورة الصعود والهبوط لانه وقع بالجسم والروح معا والا فالملك والملكوت مندرج فى الوجود الانسانى وكل تجل يحصل له انما هو من الداخل لا من الخارج قال صلى الله عليه وسلم « سألنى ربى فلم استطع ان اجيبه فوضع يده بين كتفىّ بلا تكييف ولا تحديد » اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة ( فوجدت بردها فاورثنى علم الاولين والآخرين وعلمنى علوم شتى فعلم اخذ على كتمانه اذ علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه وعلم امرنى بتبليغه الى العام والخاص من امتى ) وهى الانس والجن وهذا التفصيل يدل على ان العلوم الشتى هذه العلوم الثلاثة كما يدل عليه الفاء وهى زائدة على علوم الاولين والآخرين فالعلم الاول من باب الحقيقة الصرفة والثانى من باب المعرفة والثالث من باب الشريعة
قال الامام النووى الراجع عند اكثر العلماء انه رأى ربه بعينى رأسه . يقول الفقير يعنى بسره وروحه فى صورة الجسم بان كان كل جزء منه سمعا واتحد البصر بالبصيرة فهى رؤية بهما معا من غير تكييف فافهم فانه جملة ما ينفصل
صحيح مسلم - مكنز - (2 / 49)
459 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- رَبَّهُ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ قَفَّ شَعْرِى لِمَا قُلْتَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ وَحَدِيثُ دَاوُدَ أَتَمُّ وَأَطْوَلُ
صحيح مسلم - مكنز - (2 / 55)
463 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ». - وَفِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ وَلَمْ يَقُلْ حَدَّثَنَا
صحيح مسلم - مكنز - (2 / 52)
461 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ « نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ
صحيح مسلم - مكنز - (2 / 53)
462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِى ح وَحَدَّثَنِى حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ كِلاَهُمَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ قُلْتُ لأَبِى ذَرٍّ لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَسَأَلْتُهُ فَقَالَ عَنْ أَىِّ شَىْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ قَالَ كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ قَدْ سَأَلْتُ فَقَالَ « رَأَيْتُ نُورًا
الشفا بتعريف حقوق المصطفى - (1 / 194)
وأما قول عائشة ما فقدت جسده فعائشة لم تحدث به عن مشاهدة لأنها لم تكن حينئذ زوجه ولا في سن من يضبط ولعلها لم تكن ولدت بعد على الخلاف في الإسراء متى كان فإن الإسراء كان في أول الإسلام على قول الزهري ومن وافقه بعد المبعث بعام ونصف وكانت عائشة في الهجرة بنت نحو ثمانية أعوام وقد قيل كان الإسراء لخمس قبل الهجرة وقيل قبل الهجرة بعام والأشبه أنه لخمس والحجة لذلك تطول ليست من غرضنا فإذا لم تشاهد ذلك
عائشة دل أنها حدثت بذلك عن غيرها فلم يرجح خبرها على خبر غيرها وغيرها يقول خلافه مما وقع نضأ في حديث أم هانئ وغيره وأيضا فليس حديث عائشة رضى الله عنها بالثابت والأحاديث الأخر اثبت لسنا نعنى حديث أم هانئ وما ذكرت فيه خديجة وأيضا فقد روى في حديث عائشة ما فقدت ولم يدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالمدينة وكل هذا يوهنه بل الذى يدل عليه صحيح قولها إنه بجسده لإنكارها أن تكون رؤياه لربه رؤيا عين ولو كانت عندها مناما لم تنكره فإن قيل فقد قال تعالى (ما كذب الفؤاد من رأى) فقد جعل ما رآه

No comments:

Post a Comment